” يكرهون المساس بالموت” – جريدة اخر الاسبوع

” يكرهون المساس بالموت”

قصة قصيرة بعنوان للكاتب لزهر دخان
كتب لزهر دخان
يجري على قبور من تراب . يرسل نظراته إلى مكان مسته اللعنة . يتذكر بالفعل أن هذا التراب الوطني هو التراب الوطني . وينسى بسرعة رغبته في بدأ ملحمة إحتظان كل البشر . ويشعل أول سجائره بعدما صام يوما أخر من رمضان .
سقطت الشمس أمام ناظريه منهزمة مرة أخرى . غابت بدون أن تتمكن البلاد من إستعادة الحرية. يركض في بداية خوفه من نفسه وفرح بالظلام الدامس . يجري نحو الفجر كي لا يخسر التورط في إنفجارات كل ليلة. الأن أصبح يتنفس برضاه المعهود عن نفسه. ها هي الجماجم في القفة. إنها بالطبع لآهله الأشقاء الكفرة . لا بل هذه الليلة خونة أيضا. إذ كيف ينتصر عليهم . لا بد أنهم لا يزالون نفس العرب . ولأنهم قد تعرضوا للطعن في الظهر. هو يجاهد الأن ، ولا يغتر بالمناظر الكافرة . ولكن هل ستتركه الصور التي قتلها في شأنه . ربما سينهار ويغني لها حسب طلبها. الأغنية الكلثومية أو أي نداء سنفوني أخر . يذكر العربي بالعربي.
مرات تورطه في تطهير الجوار من الثوار كانت كافية لتعينه أمير جند هام . عاد بهم إلى الخلف . والأرض لا تزال تلف . طلب منهم عدم الإعتراف بملكيتها لآي كان . حتى يثبت للجميع أنه من ثبتها في محورها . فإستقرت كما أبهرها وإلتزمت بالخشوع والصمود ضد مسيرة لا للموت. كل جنوده يكرهون المساس بالموت . ولا يتقبلون فكرة إستبدال جلودهم بجلود جدودهم. فهم أذكياء يعلمون يقيناً أن الدود لا يسود.
الصباح سيقود باقي أفكارهم. الأنوار الليلية ستنطفأ وتختبأ لعبتهم إلى حين عودة الظلام . القتل العمد سيغلق ملعبه ويصيح الديك المحلي بشعوره المزيف . ليقول لقد مرت بي الملائكة . أما الحمار فسوف لن ينهق ولو ضربوه أو أسرجوه ليجر كل الأرض خلفه إلى إسطبلها التاريخي.
توجد في الظهيرة وتوجد في المساء . غالبا ما يختلط عليهم الأمر فيقتلون في أي وقت. يشتبكون مع صمودهم حتى ينحني . ويجبرونه على البطأ في التنفيذ . قائلين : إننا لسنا في عصر البناء. فإسمح لنا بإستبدالك بإستسلامنا. ولا تعد لنا مرة أخرى بعد قتلك . وإلا سننفذ خطة أمير الجند المعين.
أمر أمير الجند بنفي الصمود الذي فاجئه وأجهر له بكراهية الموت. رغم أنه أتقن تعذيبه وسحقه فمات فدفنه . وجده فجأة أمامه يسعى إلى وحدة الصف وعروبة الحلف وكتابة الشرف. فنفاه نهائيا وأصبح له صوت خارجي . يزور الديار من حين إلى أخر ويقول لآهلها بلكنة الملحدين “ما رأيكم في التأخي” فيقولون “تحيا الإستعمار ” ويقولون “يسقط الإستثمار” فيفهم الصمود أن أمير الجند قد فعلها وإستخرج الجاهلية من رحم الإنسانية. وصاح بأعلى أصوات الوثنية . أيا آل هُبل . ورغم أنه فهم وجد الصمود نفسه صامدا أمامه بقوله “والللاتي والعزة لآقتلنك”
Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email