الدكروري يكتب عن ليلتان يجعلهما المسلم في ذاكرته – جريدة اخر الاسبوع

الدكروري يكتب عن ليلتان يجعلهما المسلم في ذاكرته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن سلام المرء مع ربه يؤدي إلى سلامه مع نفسه، وهل من مرتبة أعلى من أن تكون في سلام مع الله ؟ وهل من مرتبة أعلى من أن تشعر أن خالق السماوات والأرض يحبك ؟ هو وليك ويدافع عنك وينصرك ويحفظك وإنك إن طبقت منهج الله عز وجل أنت في سلام مع نفسك، وحالة المؤمن أنه طاهر وأنه ما بنى مجده على أنقاض أحد وأنه ما سبب آلام للناس وكان معطاء وكان مصدر أمن لهم وكان مصدر سعادة لهم، فأنت أخي المسلم إذا طبقت منهج الله تعالي في سلام مع نفسك تنام قرير العين وتنام مرتاح البال وتنام وأنت تشعر أن الله يحبك لأنك أحسنت إلى خلقه، وهكذا هى الدنيا، وأنها ستنتهي حتما ولابد يوما ما، وهى بالحقيقه الواضحه وهى الموت ولكن يجب علينا أن نتذكر، ليلتان اثنتان يجعلهما كل مسلم في ذاكرته.

ليلة في بيته مع أهله وأطفاله منعما سعيدا في عيش رغيد وفي صحة وعافية ويضاحك أولاده ويضاحكونه والليلة التي تليها بينما الإنسان يجر ثياب صحته منتفعا بنعمة العافية، فرحا بقوته وشبابه، إذ هجم عليه المرض، وجاءه الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرج، فبدأ يفكر في عمر أفناه، وشباب أضاعه، ويتذكر أموالا جمعها، ودورا بناها، ويتألم لدنيا يفارقها، وذرية ضعاف يخشى عليهم الضياع من بعده، وقد استفحل الداء، وفشل الدواء، وحار الطبيب، ويئس الحبيب، واعلموا أن خير الكلام كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم اعملوا بتقوى الله تعالى وهو بفعل أوامره واجتناب زواجره.

سامعين مطيعين لقوله في محكم التنزيل كما جاء فى سورة آل عمران ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” واعلموا أن الأيام والليالي عِبر تتوالى لتربي الإنسان على الرشد، وتلقنه دروس الحكمة والنضج، ومن عبر الزمان ودروسه النافعة أن أصدقاء الإنسان أيام نعمته وأيام صحته وغناه وجاهه وقوته كثير، وأن أصدقاء محنته قليل، وأن الإنسان مهما علت منزلته في الدنيا بالجاه أو المال أو القوة محتاج إلى غيره، ولا يمكن أن يستغني بنفسه عن حاجته للآخرين، فالقريب محتاج إلى قريبه، والزميل إلى زميله، والصديق إلى صديقه، والجار إلى جاره، وإن حصل التفاوت بين هؤلاء في أعراض الدنيا وأسباب القوة فيها، وأن هذه الحياة ميدان فسيح، تربط بين ساكنيه أواصر وروابط، وصلات ووشائج، فهناك رابطة القرابة.

ورابطة النسب والمصاهرة، وهناك رابطة الصداقة والزمالة، وهناك رابطة الجوار، وغيرها من الوشائج والعلائق، وعلى هذه الروابط، تقوم الأمم وبها تتكون الممالك والدول، ومتى ما قامت هذه الروابط على أساس من الدين، استمر بقاؤها وزاد نماؤها، وصارت تلك الأمة التي شيد بنيانها عليها منيعة الجانب، عزيزة المكانة، مهيبة القدر، وإن من بين تلك الروابط التي دعا الإسلام إلى الاعتناء بها، والوفاء بحقها هى رابطةَ الجوار، فقد اهتم الإسلام بها أيما اهتمام، وأولاها آدابا وحقوقا تضمن لها الديمومة والبقاء، وجعل الله تعالى حق الجوار من الحقوق العشرة التي أمر بالإحسان فيها، ومما يدل على اعتناء الإسلام بهذه الرابطة هو أن جبريل عليه السلام كان كثير الوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email