نظرة عن قرب على دوافع ونتائج المؤتمر الاقتصادي 2022
بقلم د.محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية
نظمت الحكومة المصرية خلال الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر 2022 المؤتمر الاقتصادي الثاني منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وذلك لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري في ظل تحديات اقتصادية عديدة من بينها :-
. توقعات المؤسسات الدولية بتراجع الاقتصاد العالمي بنحو تريليون دولار بعد أكثر من عامين
من جائحة كورونا
. إرتفاع أسعار الغذاء والطاقة في أعقاب إندلاع الحرب الروسية على النظام الأوكراني
. إرتفاع أسعار الدولار الأمريكي أمام العملات المحلية حول العالم
. إرتفاع تكاليف النقل وتوقف العديد من سلاسل التوريد حول العالم
. إرتفاع أسعار المعادن لا سيما الذهب
. تزايد التوقعات بالركود والتضخم وزيادة أعداد المتعطلين عن العمل حول العالم
ويمكننا النظر الى تلك التحديات على أنها الدوافع الحقيقية لإنعقاد المؤتمر لتخطي تلك التحديات والتغلب عليها من أجل وضع خارطة طريق لمستقبل أفضل للاقتصاد المصري ويمكننا النظر الى جلسات نقاش المؤتمر على انها جزء لا يتجزأ من مبادرة الحوار الوطني التي دعا إليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل الماضي .
لذلك استهدف المؤتمر التوافق على خارطة الطريق الاقتصادية للدولة خلال السنوات المقبلة للمساهمة في زيادة تنافسية ومرونة الاقتصاد المصري وشهد المؤتمر الإعلان عن عدد من الحوافز لقطاع الصناعة والمصدرين لتحقيق الخطط الوطنية والحلم الرئاسي بزيادة الصادرات وزيادة التصنيع المحلي للحد من الاستيراد وتوفير العملات الاجنبية وشملت محاور عمل المؤتمر ثلاث محاور كما يلي :-
أولا : السياسات الاقتصادية الكلية
ثانيا : تمكين القطاع الخاص وتهيئة بيئة الأعمال
ثالثا : خارطة الطريق للقطاعات ذات الأولوية بالاقتصاد القومي
وتتلخص نتائج المؤتمر في وضع خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصري من خلال محاورات ومناقشات وطنية عديدة بين الحكومة والسيد رئيس الجمهورية والخبراء ورجال الأعمال وشركاء التنمية ويمكن إبرازها كما يلي :-
عرض السيد رئيس الوزراء لتاريخ مصر المعاصراقتصاديا من خلال عرض أهم التحديات والانجازات ثم جائت جلسة استثنائية على هيئة مداخلة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ليستعرض أهم الانجازات التي تحققت منذ توليه الحكم وتطلعه للمزيد من الاصلاحات وتخطي أي عقبات لخلق اقتصاد قوي ومستقر ضد أي تقلبات محلية واقليمية وعالمية ثم أذيعت كلمة مسجلة للخبير الاقتصادي المصري العالمي الدكتور محمد العريان خلال أعمال المؤتمر الأقتصادي تحدث خلالها عن التحديات الاقتصادية العالمية وظلالها على الاقتصاد المصري بينما استعرضت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية التجربة التنموية لمصر وناقشت سيادتها أهم السياسات المطلوبة لتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الأزمات ودعم القطاع الخاص بينما ناقش وزير المالية د.محمد معيط السياسات المالية والدين العام وصرح بإن مصر تستهدف أن يصل عجز الموازنة العامة 4% فقط وهذه الأرقام لم تحدث منذ 42 عاما ، كما ناقش محافظ البنك المركزي حسن عبد الله السياسات النقدية في ظل التطورات العالمية وأكد على أن مصر ستطلق مؤشرًا للجنيه المصري يعتمد على بعض العملات والذهب لتغيير ثقافة الارتباط بالدولار ، كما استعرضت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي أهم الآليات والأدوات التى يتم من خلالها تعزيز العلاقة بين القطاع الخاص وشركاء التنمية الدوليين واشارت سيادتها الى ان محفطة التمويل للمشروعات خلال العام الجاري بلغت حوالي 23.4 مليار دولار .
كما شارك السيد وليد جمال الدين رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في فعاليات المؤتمر واستعرض أهم الفرص الاستثمارية بالمنطقة وأعمال التطوير الجارية بموانئ الهيئة وتكاملها مع المناطق الصناعية .
وناقش الدكتور محمد شاكر المرقبي وزير الكهرباء والطاقة المتجددة وبحضور عدد من المسئولين المعنيين والمستثمرين ورؤساء مجالس إدارات الشركات العالمية دور مصر الإقليمي كمركز للطاقة المتجددة وخلال جلسات المؤتمر أكد الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية أن خطة الدولة فى التوسع فى إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة هى بالأساس خطة اقتصادية وليست خطة للبناء فقط فالهدف هو توسيع رقعة المعمور من أجل التنمية الاقتصادية .
ناقش السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي والدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والري خارطة الطريق نحو تعظيم الناتج الزراعي وتعزيز مستويات الاكتفاء الذاتي منه كما شارك الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في النقاش حول خارطة الطريق لتعظيم الصادرات عالية التقنية .
كما شارك الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بالنقاش حول دور صندوق مصر السيادى وفرص المشاركة مع القطاع الخاص وأعلن سيادته إن الحكومة عازمة على طرح عدد معين من الشركات الحكومية في البورصة مشيرا إلى أن الهدف النهائي من هذه الطروحات هو تعظيم الاستفادة من أصول الدولة بشكل عام .
كما ناقش المؤتمر الفرص المتاحة أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجالات التعليم والمعرفة والنقل والصحة والسياحة وزيادة مكونات التصنيع المحلي .
وأكد الرئيس السيسي في ختام المؤتمر على استجابة الدولة لكل ما طرحه القطاع الخاص والمستثمرين خلال المؤتمر قائلا : نحن معكم لأننا بكم سنتقدم إلى الامام ومصر بلد لنا جميعا وليست للرئيس والحكومة وحدهم وأكد سيادته على أن المؤتمر الاقتصادي سيكون منصة اقتصادية مستقرة تقدم كشف حساب كل عام بما تم إنجازه في مختلف المجالات مشددًا على ضرورة أن تكون هناك آليات مؤسسية مستمرة تتناول ما يقابلنا من مشكلات في التنفيذ لمناقشتها ووضع الحلول الواقعية للتغلب عليها مشيرا سيادته على أن الحوار الوطني الذي دعا له سيادته يشمل كل شيء في الدولة خاصة مستقبل الاقتصاد .
