الجحود
وليد حسين
عندما يخرجك الله من ضيق أحاط بك، ويغير ظروف حياتك، وتستعيد ثقتك بنفسك، ويرتاح قلبك من اعتصار الظروف له، سيريك الشيطان وجوه الذين هم في نعمة، الذين هم يسبقونك كثيرًا بعد أن اعتدلتْ حياتك وتخلَّصتَ من أحبال نحسك، هذا حتى يستهزئ من فرحك، ويسخر من احتفال قلبك بالفرج، ويظهر لك ما حصلت عليه بعد صبرك على أنه مثل فتات قليل ألقي على الأرض لكائن جائع فقط حتى لا يهلك، لا كي يتهلل فرحًا.
فاحذر من هذا إن خرجت من غمة طالت، وتذكِّر كيف كنت تنتظر بكل الشوق والرجاء هذا الذي وصلت إليه، وتذكر أنك عالم وحدك، وأنك قصة وحدك، وتذكر مخاوفك، وتذكر كوابيسك، وتذكَّر قلة حيلتك، وتذكَّر ضعفك، وتذكَّر أنك لا تدري بما بين غيرك وبين الله، لكنك على الأقل تدري بعملك، وتدري بعيوبك، فلا تمد عينيك إلى غيرك، وإلى الذي فاز به غيرك، بل اجعل نظرها لا يتخطى حالك في الزمنين: كيف كنت يا عبد الله؟ وكيف صرت؟ حتى تحمد الله حمدًا بلا شائبة من الجحود.
