عذرًا أمي – جريدة اخر الاسبوع

عذرًا أمي

كتبت / أميرة أحمد زايد

 

 

تحت ضغوط الحياة احتاج المال… فكر مرارا ومرارا، لم يجد باب إلا وطرقه.

 

لكن كل الابواب باتت موصدة أمامه، تبقى خيار وحيد…..

 

ابتلع ريقه، وابتلع معه تلك الغصة في حلقه، لكن أمي تعيش بين جدرانه وترفض بيعه، لقد عاشت فيه كل حياتها، كل ذكرياتها وافراحها وأتراحها.

 

لقد باتت أحجاره جزء من ضلوعها….وسقفه بمثابة روحها… ولكن… قال ولكن لكي يسكت ضميره.

وأخذ الهاتف وتكلم مع المشتري، واتفقو أن يذهبوا في اليوم التالي ليتمو إجراءات البيع.

 

خلد إلى نوم مكذوب تحفه الكوابيس، في الصباح اتجه إلى المنزل ومعه المشتري، وما أن وصلو حتى استوقفته رائحة زكية يعرفها على بعد أميال.

 

أمام المنزل، وجد دخانًا يخرج من البيت، يصاحبه رائحة طيبة، مهلًا هذه الرائحة أعرفها!… رائحة خبز أمي، توقف للحظة أمام المنزل، أخذ يرمقه ولأول مرة بعين طفل صغير، عاد في الزمن أربعين عامًا.

 

ها هي أمه الشابة على أعتاب المنزل تنادي عليه، تأخر الوقت، هيا إلى الداخل، أعدتت لك طعام العشاء، أسرع فإخوتك بالداخل ينتظرونك، إخوتي! إخوتي! رائحتهم، ضحكاتهم، حتى العراك معهم أسمعه، ما هذا؟! ما الذي يحدث.

 

دخلت أتبع رائحة الخبز، فوجدت أمي تجلس أمام ذاك الفرن، التي أعتادت أن تخبز لنا كل أطايب الطهي فيه، لم يغيره الزمان؛ فكلما تهالك جددته بتلك الأيدي الهرمة، ومع كل هذا التيه الغارق فيه، فإذا بها تشعر بوجودي، فالتفتت … وقد بدى عليها كل علامات الزمن، ولكن هناك شيئ واحد لم يتغير تلك الابتسامة العجيبة…. همت في الوقوف لتحتضنني، خارت قواها، فانهرت أنا على قدميها..

 

سامحيني أمي…. سامحيني أمي.

 

ماذا بك يا ولدي

 

لا شيئ، لا شيئ.. فقد اشتقت إليكِ، اشتقت أن أقبل تراب بيتنا العطر من تحت قدميك.

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email