اغتيالات لا يعاقب عليها القانون – جريدة اخر الاسبوع

اغتيالات لا يعاقب عليها القانون

اغتيالات لا يعاقب عليها القانون

 

بقلم عبير مدين

 

منذ أن خلق الله آدم وحواء وهما يعانيان، فلم تبدأ معاناتهما بخروجهما من الجنة وتبدد حلم النعيم الذي عاشا فيه، لكن كانت المعاناة وهما يقاومان رغبتهما في الأكل من شجرة الخلد وانتهت هذه المعاناة بمعاناة اكبر وهي الهبوط إلى الأرض.

كانت ارض غير الأرض التي نعرفها نحن الآن بكل وسائل الرفاهية والنعم التي لا نشعر بها كانت حياة بدائية بكل ما تعنيه الكلمة

تخيل حتى لو كنت فقيراً لا تملك قوت يومك أن تترك الكوخ الذي تعيش في وترتدي أقل القليل من ملابسك، تترك علبة الكبريت و موقد الكيروسين، تترك حتى الفراش الذي افترشته على الأرض إلى مكان لا كهف تعرف مكانه لتسكنه لا نقود ولا إنسان غيرك تشتري منه، لا سوبر ماركت، لا وسائل مواصلات، لا مستشفيات، لا أدوية، لا ملابس جاهزة ولا خامات للتفصيل، لا موقد غاز، لا كبريت لإشعال الحطب لا….ولا….ولا.

لو كان البعض مكان آدم وحواء أو الجيل الاول من الأبناء لهلك غما وقضى الاكتئاب عليه عندما يسمع من الوالدين قصصهما عن الجنة ونعيم ما قبل الهبوط،

لكن من نعمة الله علينا القدرة على التكيف وعبور الأزمات والتغلب على العقبات والمشاكل، نعم تختلف هذه القدرة من إنسان لآخر وقد تنعدم عند البعض فيقبل على الإدمان أو يدخل في الاكتئاب بمختلف درجاته وربما قرر التخلص من حياته!.

المرعب أن المجتمع الذي يلوم الإنسان على ضعفه هو نفس المجتمع الذي يحاول بشتى الطرق أن يدفع هذا الإنسان لطريق الإحباط واليأس من الحياة، يهاجم الإنسان المتفائل المرح الذي يحاول أن يتغلب على ضعفه و ما يعكر مزاجه!، يتنمر على من يحارب شيخوخة الجسم والروح بممارسة الرياضة وارتداء الألوان التي تشع بهجة أو بالمرح والضحك او… ، يهاجم من يبحث عن ونيس لوحدته و شريكا لما بقي من عمره رغم أن الله لم يحدد عمرا يصرف فيه الإنسان نظر عن الزواج!، يهاجم من يحاول تغيير حياته وتطوير ذاته ويضغط عليه بشتى الطرق أن يسقط اسير الروتين ويصاحب الفشل!.

هناك الكثير والكثير من الوسائل التي يستخدمها البعض ليعيش حياته بطريقة ترضيه وهناك الكثير والكثير من طرق التهكم والسخرية والتنمر التي يستخدمها الكثير من الناس لعرقلة جهوده، هذه الطرق من وجهة نظري اغتيالات لاحلام الغير وطموحاته وتطلعاته اغتيالات لا يعاقب عليها القانون ولا دليل عليها سوى ما تتركه في الروح من جروح وفي النفس من آلام.

الدافع لكل هذه الاغتيالات قد يكون الحقد والحسد أو الفهم الخاطئ لتعاليم الدين فهو يرى النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ديني ونسي أن يكون هذا بالحسنى لا بفظاظه تصد الآخرين عن الدين.

فإذا استسلمت لكلام الناس وقادتك قدماك لنفق مظلم ومصير مجهول لامك هؤلاء الناس ! ولأن إرضاء الناس غاية لا تدرك لا تلتفت لكلامهم عش حياتك بالطريقة التي ترضيك علاقتك بالله وحده من سوف يحاسب عليها

هو لم يمنح أحدا تفويضا لمحاسبة البشر.

إن كان البعض فشل في إسعاد نفسه فهذا لا يعطيه حق إفشال غيره، وما يمنحك السعادة لا يمنحها لغيرك.

كل منا صندوق مغلق على أسرار لا يحق لاحد النبش فيها وعقد محكمة وطلب تقديم مبررات و اعذار.

علينا أن نرفع وصايتنا عن بعضنا البعض فالحياة أقصر من أن نقضيها في محاكمات ولا تستحق أن نغتال غيرنا معنويا.

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email