شبح الحرب يلوح فى النيجر – جريدة اخر الاسبوع

شبح الحرب يلوح فى النيجر

شبح الحرب يلوح فى النيجر

 

بقلم : يوحنا عزمى

 

لا يخالجني أدني شك في أنه إذا انفجر صراع مسلح حول النيجر فسوف تكون عواقبه وتداعياته أخطر وأبعد مدي بكثير من كل ما يجري الآن في السودان .. وسوف تكون النيجر نقطة البداية في هذا الصراع ، لكنها لن تكون نهايته او المحطة الأخيرة فيه.

 

ما نعلمه هو أن المجلس العسكري الحاكم في النيجر أعطي تفويضا مفتوحا لدولتي مالي وبوركينا فاسو يسمح لقواتهما بالدخول إلي أراضيها للقتال إلي جانبها ضد أي تدخل عسكري خارجي سواء كانت فرنسا هي من تقف وراءه او ايكواس .. وهو ما يعني ان رقعة الصراع المسلح لن تقتصر علي أراضي النيجر ، وانما سوف تتسع بسرعة بما قد يصعب احتواؤه ، وقد يتصاعد مستوي العنف فيه إلي درجة قد تشعل حريقا هائلا في هذه المنطقة من العالم ..

 

ناهيك عما يمكن ان تحدثه تداعيات هذه الحرب الأفريقية من انقسامات واستقطابات حادة بين دول الإتحاد الإفريقي بل وداخل مجموعة دول ايكواس نفسها ، وسوف يكون هناك الكثير من اللوم لمن اشعلوا هذه الحرب ، وجعلوا الدول الأفريقية تدفع ثمنها وحدها.

 

ومن الآن ، وحتي من قبل ان يجد التدخل العسكري طريقه إلي التنفيذ ، اقول أنه ما هكذا يكون التعامل مع مجلس عسكري وطني جاء لينتشل النيجر من براثن استغلال استعماري فرنسي وقح تحت ذريعة حمايتها من اخطار خارجية وهمية ، بإقامة القواعد العسكرية ومرابطة آلاف القوات الفرنسية فيها ، لتبقي النيجر منطقة نفوذ إقتصادي وسياسي خالصة لواحدة من اسوأ القوي الاستعمارية الأوروبية التي عرفها التاريخ.

 

لقد نجحوا في الغرب في تسويق الوهم الكاذب للاتحاد الأفريقي بأن تدخلهم في النيجر ، والتخلص من تبعات الانقلاب العسكري الأخير وإعادة الرئيس المخلوع إلي السلطة ، سوف يكون هو الطريق نحو إستعادة الديموقراطية والشرعية إلي النيجر بعد ان وضعها الانقلابيون في خطر .. ولم يقولوا لهم أنهم يريدون منهم كافريقيين ان يحاربوا معاركهم بالنيابة عنهم ، ليدفعوا هم فيها كامل الثمن من فوضي وعنف وخراب ودمار شامل لحياتهم ومستقبل شعوبهم ، ولتبقي الثمار من نصيبهم وحدهم.

 

سوف يرتكب الأفارقة من دعاة التدخل العسكري في النيجر ، سواء كانوا في الإتحاد الإفريقي او ايكواس ، غلطة عمرهم إذا هم انساقوا وراءهم في الغرب واستجابوا لتحريضهم لهم للتدخل ، ولم يرجعوا إلي عقولهم ليضبطوا ردود افعالهم وليعرفوا حدودهم لا يتجاوزوها في غمرة الانفعال والاندفاع غير المحسوب ، ليوفروا بذلك علي انفسهم كوارث اكيدة ما اغناهم عنها ، ولديهم منها فعلا ما يكفيهم وزيادة . وليضعوا نصب أعينهم أنه ليس من حقهم ولا من حق غيرهم ان يفرض وصايته علي شعب أفريقي حر من حقه ان يختار طريقه إلي ما يريده لنفسه بعد ان اوصله المستعمرون الفرنسيون إلي هذا الحال المزري من الفقر والتخلف والمعاناة ، هذا موقف كان يجب ان يقف فيه الإتحاد الإفريقي إلي جانب النيجر وليس ضدها.

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email