الدكروري يكتب عن الثقفي وموقعة دير الجماجم – جريدة اخر الاسبوع

الدكروري يكتب عن الثقفي وموقعة دير الجماجم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد جاءت سنة ثلاثه وثمانين من الهجره، علي الخلافة الأموية قاسية حيث كان فيها وقعة دير الجماجم بين الحجاج و ابن الأشعث، وكانت من أكثر الوقائع هولا في تاريخ الحجاج، وفيها كان له النصر على الثوار من أصحاب ابن الأشعث، وتم قتل خلق كثير فيها، وغنم الحجاج شيئا كثيرا، وفيها ظفر الحجاج بكل أصحاب ابن الأشعث، بين قتيل وأسير، إلا ابن الأشعث، فقد هرب، لكن أصحاب الحجاج ظفروا به في سجستان فقتلوه، وطيف برأسه في البلدان، وبعد وقعة دير الجماجم، كان هناك من حاولوا الدس للحجاج عند عبد الملك بن مروان، لكن الحجاج احتج على عبد الملك بحسن بلاغته، ثم مات عبد الملك بن مروان في عام سته وثمانين من الهجره، وتولى ابنه الوليد بعده، فأقر الحجاج على كل ما أقره عليه أبوه.

وقربه منه أكثر، فاعتمد عليه، وكان ذلك على كره من أخيه وولي عهده سليمان بن عبد الملك، وابن عمه عمر بن عبد العزيز، وفي ولاية الوليد هدد سليمان بن عبد الملك الحجاج إذا ما تولى الحكم بعد أخيه، فرد عليه الحجاج مستخفاً مما زاد في كره سليمان له ولمظالمه، وإذ ذاك كان قتيبة بن مسلم يواصل فتوحه في المشرق، ففتح بلادا كثيرة في تركستان الشرقية وتركستان الغربية واشتبكت جيوشه مع جيوش الصين وكان الحجاج من سيره إلى تلك البلاد، وفي نفس الوقت قام ابن أخ الحجاج بفتح بلاد السند التى هى باكستان اليوم، وقد تطلع الحجاج بعد أن قطع دابر الفتنة، وأحل الأمن والسلام إلى استئناف حركة الفتوحات الإسلامية التي توقفت بسبب الفتن والثورات التي غلت يد الدولة.

وكان يأمل في أن يقوم الجيش الذي بعثه تحت قيادة ابن الأشعث بهذه المهمة، وكان جيشا عظيما أنفق في إعداده وتجهيزه أموالا طائلة حتى أطلق عليه جيش الطواويس، لكنه نكص على عقبيه وأعلن الثورة، واحتاج الحجاج إلى سنوات ثلاثة حتى أخمد هذه الفتنة العمياء، ثم عاود الحجاج سياسة الفتح، وأرسل الجيوش المتتابعة، واختار لها القادة الأكفاء، مثل قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي ولاه الحجاج خراسان سنة خمسه وثمانين من الهجرة، وعهد إليه بمواصلة الفتح وحركة الجهاد، فأبلى بلاء حسنا، ونجح في فتح العديد من النواحي والممالك والمدن الحصينة، مثل بلخ، وبيكند، وبخارى، وشومان، وكش، والطالقان، وخوارزم، وكاشان، وفرغانة، والشاس.

وكشغر الواقعة على حدود الصين المتاخمة لإقليم ما وراء النهر وانتشر الإسلام في هذه المناطق وأصبح كثير من مدنها مراكز هامة للحضارة الإسلامية مثل بخارى وسمرقند، وبعث الحجاج بابن عمه محمد بن القاسم الثقفي لفتح بلاد السند، وكان شابا صغير السن لا يتجاوز العشرين من عمره، ولكنه كان قائدا عظيما موفور القدرة، نجح خلال فترة قصيرة لا تزيد عن خمس سنوات، في أن يفتح مدن وادي السند، وكتب إلى الحجاج يستأذنه في فتح قنوج أعظم إمارات الهند التي كانت تمتد بين السند والبنغال فأجابه إلى طلبه وشجعه على المضي، وكتب إليه أن “سر فأنت أمير ما افتتحته” وكتب إلى قتيبة بن مسلم عامله على خراسان يقول له “أيكما سبق إلى الصين فهو عامل عليها”

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email