سيدة من سيدات أهل الجنه أسيا أمرأة فرعون | جريدة اخر الاسبوع

سيدة من سيدات أهل الجنه أسيا أمرأة فرعون

بقلم الكاتبه : سلوى عبد الكريم

من أعظم نماذج السيدات المصريات
إنها آسيا بنت مزاحم بن عبيد بن الريان ابن الوليد ..
كان نسبها ذو رفعة كبيرة وكانت على قدر شديد من الجمال والحسن ومنحها الله حسن الخلق وأتاها الله من العقل والحكمه قدرا عظيماً

فتمنى الكثيرون الزواج منها إلا أن قدر الله زواجها من فرعون مصر وكان هذا الزواج هو الإختبار والإبتلاء الذي نجحت فيه بجدارة واستحقت عليه لقب إحدى سيدات أهل الجنة الأربعه

، عاشت فى قصر فرعون ولم يرجعها طوفان الكفر الذي كانت تعيش فيه ، وزعمه أنه إله وأنه استخف قومه فأطاعوه ؛ وعبدوه من دون الله ، لم يغير ولم يؤثر كل هذا فى عقيدتها وإيمانها بالله فتحملت منه أشد العذاب

بل ضحت من أجل عقيدتها بما كانت تعيش فيه من مجد وطرف فى قصور ونعيم وجاه وما يحيط بها من الخدم والحشم، والحراس، فى ظل هذا الرجل
لم يرجعها عن عقيدتها وإيمانها ما كانت تنعم به من كنوز تتضاءل إلى جوارها كنوز كسرى ملك الفرس ، وأباطرة الرومان

وبالرغم مما كانت فيه هذه السيدة العظيمة من الطرف والبهرجة ، والزخرف وزينة الدنيا والرغد والإجلال من الخاصة والعامة فى التعامل معها على أنها زوجة «الرب الأعلى كما كان يزعم »

إلا أنها غضت الطرف عن ذلك كله، واتجهت لربها بكل حواسها وكيانها ووجدانها وآمنت به حق الإيمان

فاستحقت ما وصفها به رب العالمين بأنها مثل يضرب للإيمان لكل نساء العالمين إلى يوم الدين

فيقول الله تعالى في سورة التحريم

﴿ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾
[ التحريم: 11]

فقد تزوجت من أخبث الرجال وأكثرهم غرورا وتعاليا وتكبراً على وجه الأرض ” فقال الله عز وجل”

في سورة يونس
” فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83)

وفى سورة هود ” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ۝ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ۝

فما اقسى وما أصعب الحياه مع مثل هذا الفرعون الذي جعله الله آيه للعالمين فقال سبحانه وتعالى

” فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)

فما أصعب أن تستمر الحياة على نهج من الظلم والطغيان والكبر ! لكن ذلك لم يحدث مع هذه السيدة الحكيمة فهي لم تصطدم معه ولم تمش على نهجه بل إنها كانت تحسن معاشرته، وتجيد فن معاملته.

فهى نموذج يحق ويصلح أن يقتدى به كل سيدات العالمين اللاتي كثيرا منهن
أحيانا تصطدم قناعتها ومعتقداتها مع الظروف المحيطة بها فنجد الكثير إما أن تنسلخ عن عقيدتها وترضخ للفتن طواعية أو تخضع للضغوط مجبرةً

ولكن ماذا فعلت هذه المرأة الصالحه العاقلة الحكيمه التى لم ترضى عن افعاله وتعذيبه لبني إسرائيل وتقتيل أولادهم
فكانت تخفي إيمانها فهى كانت مؤمنه من قبل أن يولد موسى ثم أمنت به من بعد بعثته عليه السلام فهى استطاعت التوازن بين طاعة الله وحسن معاشرة الزوج المتغطرس الذى ملئ الأرض ظلما وطغيانا وفسادا

وذاك يوم جاءتها إحدى وصيفتها بصندوق صغير من النهر فلما فتحته رأت وجه الوليد يتلألأ بأنوار النبوه موسى نبي الله ومنذ أن نظرت الى وجه أحبته حبا شديدا فقال عز وجل «وألقيت عليك محبة منى» مما جعل حب موسى فى قلب كل من وقعت عينه عليه حتى فرعون نفسه

وأسرعت السيدة آسيا إلى أخذ الطفل واحتضانه حتى قالت لفرعون الذي هم بقتله « قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا »

واستجاب فرعون لها رغم علمه بنبوءة الكهان بإنهيار وانتهاء ملكه على يد غلام يولد فى بني إسرائيل وذلك دل به المفسرون على منزلة وحب السيده أسيا من قلبه بل أمر بالتماس المراضع لهذا الوليد حتى جمعه الله بأمه كى ترضعه فعاش متمتع بحنان وحب أمه التى ظن الناس انها مرضعته فقط

ولعل قولها « عسى أن ينفعنا » قد أنالها الله ما نطقت به وتمنته فنفعها الله في الدنيا فهداها وثبت إيمانها و في الآخرة فأسكنها الله الجنه بتصديقها برسالته وإيمانها به عليه السلام
ولم تكن وحدها التي آمنت به بل آمنت به ماشطة بنات فرعون وأخ للسيدة آسيا وكثير من أهل القصر وحاشيته

وعندما علم وزير دفاعه «هامان» بإيمانهم جن جنونه وأخذ يدبر ويخطط في أساليب تعذيبهم فقتل كل من آمن من الحاشية وأحرق ماشطة بنات فرعون وأولادها ورضيعها

وحاول فرعون إغراء السيدة أسيا وإثناءها وإبعادها عن إيمانها فلم يفلح فأمر بربطها وصلبها في شجرة تحت قيظ الشمس الحارقة اعتقادا أنها لن تتحمل وتنهار وتتراجع عن إيمانها

ولكن لم يحدث ذلك فتحملت وثبتت وهتفت بمقولتها الشهيرة التي خلدها لها رب العالمين في قرآن يتلى إلى يوم القيامة «رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين»

فلم يتحمل فرعون هذا التحدي والعزيمة والإصرار فقام بفعلته الشنيعة ورماها بحجر ضخم فأرداها قتيلة ولكنه لم يهنأ بفعلته فقد رأى إبتسامة الرضا على وجهها عندما فاضت روحها الطاهرة إلى ربها فهنيئا لها تلك المنزلة العظيمة

وهنيئاً لها مقولة النبي صل الله عليه وسلم : «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسيا بنت مزاحم، ومريم ابنة عمران» وفى رواية أخرى ذكر معهن السيدة خديجة والسيدة فاطمة
رضى الله عنهم ;
فاللهم ثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخره ..

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email