ياخسارة يابلد – جريدة اخر الاسبوع

ياخسارة يابلد

بقلم/محمود جنيدى

“هل نسينا الوفاء ؟”

كنت أجلس أمام التلفاز عصر أحد الأيام ، كنت أشاهد برنامج “الدنيا بخير” للرائعة لمياء فهمى عبدالحميد والعظيم العالم الجليل الدكتور رمضان عبدالرازق ..
كان موضوع الحلقة “هل نسينا الوفاء؟”
سرحت بخيالي طويلا طويلا ، حتى كدت أخرج من ساحة البرنامج وعظائم مايقوله العالم الكبير ..
مر بى عمرى الذى مضى .!!.
تذكرت – بل رأيت وسمعت – كثيرا من هؤلاء الذين نطلق على أيامهم – وعن جدارة – الزمن الجميل .

والله الذى لا إله إلا هو كانوا هم الجمال نفسه ، فجملوا زمنهم وسيرهم .

ولعلى أسمح لنفسى أن أخص بحديثى هنا أساتذتى من جلست إليهم لتلقى العلم “أى علم” لأنهم وبحق علموني مالم أكن أعلم ، فحق على أن أذكرهم دائما بكل الخير ، وفاءا ، وتقديرا ، وعرفانا. 

ولعلنى ، وبكل حق وجدارة ، أعفهم عن المقارنة بمعلمى اليوم الذين لا أملك إلا أن أدعو الله أن يسامحهم على م ااقترفوه فى حق العلم والمتعلمين ..
هذا الجهبذ فضيلة الشيخ محمد أبوإسماعيل ناظر مدرسة الروضة الإبتدائية بالدلنجات ، ومكانها اليوم مستشفى دارالشفاء ، هذا الرجل الذى مازلت أذكر ملامحه وهيئته وهيبته . كان معمما (الكاكولا والعمامة) .

مثال الإنسان والأب والمعلم ، صوت ضحكته الطيبة مازال ملء أذنى .!!. حازما .. عالما .. معلما ..
حصلت على صورته من أحد أحفاده ونشرتها بتعليق تقديرا وعرفانا لأستاذى ومعلمى ..
كان وكيله فضيلة الشيخ كامل الناقة .

أيضا أذكر ملامحه وهيئة وطيبته وحزمه وانسانيته . وكان أيضا معمما .

طلبت صورته من أحد أحفاده لكن للأسف ..
كنا نهابهم لا عن خوف ولا عن رهبة ، لكن عن احترام وتقدير ..
ثم يأتى أستاذى أنور افندى هندى وحافظ افندى بغدادى ومحمد افندى سيف واحمد افندى النجار ( كنا نناديهم زمان بلفظ أفندى) .

ثم تأتى مرحلة الإعدادى، وبداية لقب “أستاذ” الأستاذ محمود خفاجى والأستاذ محد شومان .
وأذكر هنا بكل التقدير والإحترام أستاذى الأستاذ سليم منصور “مسيحى” سامعين؟؟ مسيحى ، يعنى مش مسلم.!!. يعنى على غير الدين .!!.
هذا الأستاذ له معى موقفين لا ينساهما إلا جاحد أو ناكر للجميل. 

فى الصف الرابع الإعدادى أصابنى مرض منعنى من الذهاب إلى المدرسة ، وبالطبع لم تكن ظهرت موضة “الدروس الخصوصية”
فكان الأستاذ سليم يحضر إلى بيتى كل ليلة ليشرح لى الدرس .
ايه رأيكم .؟؟.
هذا موقف ..
أما الآخر فهو أنه عندما كان مديرا لمدرسة الدلنجات الإعدادية، وذهبت لأحصل على أجر لوحات كنت قد رسمتها للتربية الفنية ، فاحتد النقاش بينى وبيتهم حين وجدتهم حاولوا طمس توقيعى على اللوحات ووضع اسم التربية الفنية .

سمع أستاذى الشجار فدعانى إلى مكتبه ، شعرت لحظتها أننى أعود لسنوات بعيدة مضت حين كان هو الأستاذ وأنا التلميذ .
ووقفت أمامه منتصبا بكل هدوء واحترام ، ولما لمحت فى يده العصا شعرت بالخوف فعلا وطلبت منه أن يلقى عصاه بعيدا لأقترب منه ، فابتسم وألقى بعصاه بقوة وعزم ثم أتانى مهرولا ليحتضننى بعنف ، ثم أرى الدمع فى عينيه وهو يقول : ياااااه ..
شكرا ياأستاذ محمود ..
ووجدتنى وقد تلعثم لسانى ..
فقال مسرعا : شكرا على الوفاء ..
وفاء؟؟
وفاء مين ياأستاذ ؟؟
وفاءنا احنا والا انتم .؟؟.
ياخسارة ياوفاء .

Please follow and like us:
Pin Share
مصر الطقس من أخر الأسبوع
RSS
Follow by Email