ظهور المهارات | جريدة اخر الاسبوع

ظهور المهارات

بقلم / كواعب احمد البراهمي
تحكي لي امي عن ذكريات طفولتها و عن كثير من الأطعمة التي كان يقوم بصنعها النساء في بلدي . وقد كنا ماهرات جدا . وحتى كنت أتعجب عندما قالت لي أن جدتها هي وليست جدتي كان لديهم ( دولاب ) هكذا اسمه لصنع المكرونة في المنزل . قالت لي كان يقوم الشباب بتشغيله لانه صعب جدا .يشبه ماكينة البسكويت ولكن حجمه اكبر ، فقد كانت النساء تصنع العجينة التي تخرج من الماكينة على شكل شرائط تشبه المكرونة الاسباجيتي ، ويتم وضع هذه المكرونه على ملاءة في الشمس وبعد أن تجف يتم حفظها في جوال للافطار بها بوضعها في الحليب الساخن والسكر . وكانوا يصنعون الفطيرة التي يتم حشوها بالملبن والمكسرات . وكان لديهم صينية الكنافة والتي يقومون برش عجينة الكنافة عليها بعد وضع الصينية على النار ( الكانون) لثقلها حيث أنها من النحاس ، ويستخدمون ( السطل الذي به ثقوب ) لرش العجينة على الصينية . هذا بخلاف ( الفايش ) الذي لا ينقطع من المنزل . كانوا يصنعون اشياء كثيرة جدا لم تكن متوفرة في القرية وربما في المدينة . . ويجففون البلح لعام كامل . ثم كان العصور التالية وكانت النساء الي وقت قريب تصنع كل المخبوزات بالمنزل وتتفنن في الصناعة لتوفر لأولادها الوجبات الخفيفة . وصناعة المربى وعمل جميع انواع المخللات في المنزل طوال العام ، و ذلك بالرغم أن النساء كن يعملن وموظفات ولكن لا يقصرن في عمل المنزل . . ثم جاء زمن الانترنت وتحول ٩٠٪ . من سلوكيات البشر عموما للأسوأ. فابتعدت النساء عن المطبخ فترة طويلة وأصبحت تستسهل شراء الوجبات الجاهزة . والتي انتشرت في كل ربوع مصر بما فيها مدن الصعيد الجواني. كما أن حياة المرأة في الريف تغيرت تماما . فلا يوجد بالمنزل طيور . ولا يوجد حيوانات ، وليس ذلك لارتفاع سعر العلف أوالبرسيم . لا .. ولكن لأن أغلب الفتيات حصلن على التعليم الجامعي أو المتوسط . وبالرغم أنه لا يوجد فرص عمل خارج المنزل ، إلا أن الفتيات والنساء أصبح وجودهن على النت ضرورة حتمية لهن . فكيف لا ! وهي تريد متابعة كل ما هو تافه و زائف من فيديوهات أو برامج وتواصل مع آخرين وأخريات ربما لا تعرف عنهم شيئا . فقليل جدا من الرجال أو النساء من يستعمل النت استعمالا صحيحا . وقليلون من يعتبرونه وسيلة تواصل للاطمئنان على الناس الذين يقيمون بعيدا وليس لمضيعة الوقت فيما لا يفيد . و للأسف أصبح التطور يقاس بمدى امتلاك الشخص لنوعية الفون وماركته وكم الألفاظ الأجنبية التي يقحمها الإنسان في كلماته دونما سبب. ولكن مع ارتفاع الأسعار الجنوني الذي ضرب العالم بسبب الأوبئة والحروب والذي ضرب مصر بصفة خاصة بسبب جشع التجار وعدم إمكانية الرقابة عليهم . و إلصاق كل غلو للدولار ،اضطرت المرأة أن تعود إلي الابداع داخل المنزل ، وأن تعود إلى المطبخ . كثيرا من صديقاتي تركن النت من أجل صناعة مخبوزات للافطار والعشاء والوجبات الخفيفة . وكثيرات لجأن الي التوفير في كل المشتروات، وخاصة المأكولات ، وأصبح الطهي في المنزل افضل طريقة للتوفير حيث ثمن الوجبة الجاهزة يكفي لطعام اسبوع . رجعن لصنع المربى والمخلل في المنزل حتي مع التكلفة العالية للدقيق والسكر فمازال هناك توفير .
واتمنى أن يعود الريف كما كان مصدر خير لنفسه وللمدينة . بعد أن أصبح عبء عليها . اتمنى أن يساهم كل من يقدر في التعاون مع أهل القرية في شراء حيوانات لإنتاج الألبان . وعمل حظائر للطيور . انا لا افهم جيدا في الاقتصاد ولكن اكيد غيري يفهمون واكيد توجد وسيلة لدعم منتجات الريف للتوافر في الأسواق بأسعار رخيصة لا يسيطر عليها الدولار . اكيد يوجد خبراء في الدولة يفهمون كيفية التعاون وزيادة الإنتاج بتكلفة أقل من الاستيراد . فمن الصعب جدا أن يتم حرمان الشخص من أبسط أنواع الطعام . غقد زاد سعر البروتين الحيواني وكذلك البدائل هذا بخلاف كل السلع الضرورية والتي لا يستغني عنها كل بيت .

مصر الطقس من أخر الأسبوع